الدَّرْسُ الأَوَّلُ : نَذِيرٌ يَرْكَبُ الحَافِلَةَ
نَذِيرٌ فِي مَوْقِفِ الحَافِلَةِ . يَحْسُبُ عَدَدَ مَنْ يَنْتَظِرُ مَعَهُ ، فَإِذَا هُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثِينَ . يَتَوَجَّهُ نَذِيرٌ إِلَى رَجُلٍ يَقْرَأُ جَرِيدَةً فَيَسْأَلُهُ :
- هَلْ تَظُنُّ أَنَّ الحَافِلَةَ الآتِيَةَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْمِلَ كُلَّ هَؤُلاَءِ النَّاسِ ؟
لاَ يَسْمَعُ الرَّجُلُ سُؤَالَ نَذِيرٍِ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِمَا فِي جَرِيدَتِهِ . لَكِنَّ قُرْبَهُ شَابًّا يَقُولُ لِنَذِيرٍ :
- سَتَأْتِي حَافِلَتَانِ مُتَتَابِعَتَانِ .
- أَيُّهُمَا أَكْبَرُ ؟
- الأُولَى أَكْبَرُ مِنَ الثَّانِيَةِ ، لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَسْرَعُ لِأَنَّهَا مُبَاشِرَةٌ . أَعْنِي أَنَّهَا لاَ تَتَوَقَّفُ حَتَّى تَبْلُغَ آخِرَ الخَطِّ ، أَيْ مَكْتَبَ البَرِيدِ .
- سَأُحَاوِلُ أَنْ أَرْكَبَ الحَافِلَةَ الأُولَى لِأَنِّي أَنْزِلُ فِي المَوْقِفِ الَّذِي قَبْلَ البَرِيدِ .
تَصِلُ الحَافِلَةُ الأُولَى فَيَزْدَحِمُ نَذِيرٌ مَعَ النَّاسِ فَيَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ .
يُغْلِقُ المُرَاقِبُ البَابَ فَتَنْطَلِقُ الحَافِلَةُ وَهُوَ يَقُولُ لِلرُّكَّابِ :
- تَقَدَّمُوا إِلَى الأَمَامِ مِنْ فَضْلِكُمْ !
يُخْرِجُ نَذِيرٌ مِنْ جَيْبِهِ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ تَذْكِرَةً ، لَكِنَّ الرَّاكِبَ الَّذِي وَرَاءَهُ يَصْدِمُهُ فَتَسْقُطُ القِطْعَةُ مِنْ يَدِهِ . يُحَاوِلُ نَذِيرٌ أَنْ يَنْحَنِيَ لِيَلْتَقِطَهَا لَكِنْ لاَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الرُّكَّابِ . يُخْرِجُ نَذِيرٌ مَا بَقِيَ فِي جَيْبِهِ ، فَإِذَا هِيَ أَرْبَعُونَ سَنْتِيمًا . يَسْأَلُ نَذِيرٌ المُرَاقِبَ :
- هَلْ تَكْفِينِي أَرْبَعُونَ سَنْتِيمًا لِاشْتِرَاءِ تَذْكِرَةٍ ؟
يَقُولُ المُرَاقِبُ :
- نَعَمْ ، هِيَ تَكْفِيكَ ، لَكِنِ انْتَظِرْ حَتَّى يَنْزِلَ مَنْ يَنْزِلُ فِي المَوْقِفِ المُقْبِلِ ، ثُمَّ الْتَقِطْ مَا سَقَطَ مِنْ يَدِكَ .
يَشْكُرُ نَذِيرٌ المُرَاقِبَ ، وَيُعِيدُ الأَرْبَعِينَ سَنْتِيمًا إِلَى جَيْبِهِ .