الدَّرْسُ الخَامِسَ عَشَرَ : أَحْمَدُ يَسُوقُ جَرَّارًا
أَحْمَدُ يَزُورُ مَزْرَعَةً قَرِيبَةً مِنْ مَدِينَةِ البُلَيْدَةِ فِي الجَزَائِرِ . فِي أَحَدِ حُقُولِ المَزْرَعَةِ فَلاَّحٌ يَحْرُثُ الأَرْضَ بِجَرَّارٍ وَأَحْمَدُ يَجْرِي وَرَاءَهُ . حِينَ يَبْلُغُ سَائِقُ الجَرَّارِ طَرَفَ الخَطِّ يَلْتَفِتُ فَيَرَى أَحْمَدَ فَيَقُولُ لَهُ :
- مَا أَوْسَخَكَ ! وَمَا أَوْسَخَ ثِيَابَكَ ! مَاذَا تُرِيدُ ؟
- أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ يُسَاقُ الجَرَّارُ .
يَشْرَحُ الفَلاَّحُ لِأَحْمَدَ كَيْفَ يُدَارُ المُحَرِّكُ وَكَيْفَ يُسَيَّرُ الجَرَّارُ وَكَيْفَ يُوقَفُ . يَسْتَمِعُ أَحْمَدُ إِلَى كَلاَمِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ :
- قَدْ فَهِمْتُ جَيِّدًا . فَهَلْ تَسْمَحُ لِي أَنْ أَسُوقَهُ وَحْدِي ؟
يُدِيرُ الفَلاَّحُ الجَرَّارَ ثُمَّ يَنْزِلُ عَنْهُ وَيَقُولُ لِأَحْمَدَ :
- تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسُوقَهُ . لَكِنْ لاَ تُفْرِطْ فِي السُّرْعَةِ . وَإِذَا بَلَغْتَ طَرَفَ الخَطِّ فَأَوْقِفْهُ وَانْتَظِرْنِي .
يَأْخُذُ أَحْمَدُ المَدَارَ فَيَنْطَلِقُ بِالجَرَّارِ فَالفَلاَّحُ يَتْبَعُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ . يَسِيرُ الجَرَّارُ بِبُطْءٍ لَكِنْ حِينَ يَبْلُغُ طَرَفَ الخَطِّ لاَ يَقِفُ بَلْ يُتَابِعُ سَيْرَهُ نَحْوَ الأَشْجَارِ الَّتِي حَوْلَ الحَقْلِ . عِنْدَ ذَلِكَ يَفْزَعُ الفَلاَّحُ فَيَأْخُذُ فِي العَدْوِ وَهُوَ يَصِيحُ :
- الأَشْجَارَ ! المِكْبَحَ !
لَكِنَّ أَحْمَدَ يُوْقِفُ الجَرَّارَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الأَشْجَارَ . يَصِلُ إِلَيْهِ الفَلاَّحُ وَهُوَ يَلْهَثُ فَيُعَاتِبُهُ قَائِلاً :
- مَا أَبْلَدَكَ يَا وَلَدُ ! قَدْ كِدْتَ تَصْدِمُ شَجَرَةً فَتُفْسِدُ الجَرَّارَ .
يَقُولُ لَهُ أَحْمَدُ :
- عَفْوًا يَا سَيِّدِي ! إِنِّي نَسِيتُ أَيْنَ مِكْبَحُ القَدَمِ فَاضْطَرَبْتُ قَلِيلاً حَتَّى فَكَّرْتُ فِي اسْتِعْمَالِ مِكْبَحِ اليَدِ .